responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 285
مَعْنَى الْعُدَّةِ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ وَعَدَدَهُ بِالتَّخْفِيفِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى جَمَعَ الْمَالَ وَضَبَطَ عَدَدَهُ وَأَحْصَاهُ وَثَانِيهِمَا: جَمَعَ مَالَهُ وَعَدَدَ قَوْمِهِ الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ مِنْ قَوْلِكَ فُلَانٌ ذُو عَدَدٍ وَعُدَدٍ إِذَا كَانَ لَهُ عَدَدٌ وَافِرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالرَّجُلُ مَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أدخل في التفاخر. ثُمَّ وَصَفَهُ تَعَالَى بِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الْجَهْلِ فقال:

[سورة الهمزة (104) : آية 3]
يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
وَاعْلَمْ أَنْ أَخْلَدَهُ وَخَلَّدَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ثُمَّ فِي التَّفْسِيرِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى طُولَ الْمَالِ أَمَّلَهُ، حَتَّى أَصْبَحَ لِفَرْطِ غَفْلَتِهِ وَطُولِ أَمَلِهِ، يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ تَرَكَهُ خَالِدًا فِي الدُّنْيَا لَا يَمُوتُ وَإِنَّمَا قَالَ: أَخْلَدَهُ وَلَمْ يَقُلْ: يُخَلِّدُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ يَحْسَبُ هَذَا الْإِنْسَانُ أَنَّ الْمَالَ ضَمِنَ لَهُ الْخُلُودَ وَأَعْطَاهُ الْأَمَانَ مِنَ الْمَوْتِ وَكَأَنَّهُ حُكْمٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ عَلَى الْمَاضِي. قَالَ الْحَسَنُ: مَا رَأَيْتُ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ كَالْمَوْتِ وَثَانِيهَا: يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الْمُحْكَمَةَ كَتَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ، عَمَلَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَبْقَى حَيًّا أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يُذْكَرَ بِسَبَبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَثَالِثُهَا: أَحَبَّ الْمَالَ حُبًّا شَدِيدًا حَتَّى اعْتَقَدَ أَنَّهُ إِنِ انْتَقَصَ مَالِي أَمُوتُ، فَلِذَلِكَ يَحْفَظُهُ مِنَ النُّقْصَانِ لِيَبْقَى حَيًّا، وَهَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ مِنِ اعْتِقَادِ الْبَخِيلِ وَرَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا تَعْرِيضٌ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَلِّدُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ وفي الآخر فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَدْعٌ لَهُ عَنْ حُسْبَانِهِ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَظُنُّ أَنَّ الْمَالَ يُخَلِّدُهُ بَلِ الْعِلْمُ وَالصَّلَاحُ، وَمِنْهُ
قَوْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ،
وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَعْنَاهُ: حَقًّا لَيُنْبَذَنَّ وَاللَّامُ فِي: لَيُنْبَذَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمُقَدَّرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُصُولِ مَعْنَى الْقَسَمِ فِي كَلَّا. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:

[سورة الهمزة (104) : الآيات 4 الى 5]
كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)
فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ النَّبْذِ الدَّالِّ عَلَى الْإِهَانَةِ، لِأَنَّ الْكَافِرَ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكَرَامَةِ، وَقُرِئَ (لَيُنْبَذَانِ) أَيْ هُوَ وَمَالُهُ وَ (لَيُنْبَذُنَّ) بِضَمِّ الذَّالِ أَيْ هُوَ وَأَنْصَارُهُ، وَأَمَّا: الْحُطَمَةِ فَقَالَ الْمُبَرِّدُ: إِنَّهَا النَّارُ الَّتِي تَحْطِمُ كُلَّ مَنْ وَقَعَ/ فِيهَا وَرَجُلٌ حُطَمَةٌ أَيْ شَدِيدُ الْأَكْلِ يَأْتِي عَلَى زَادِ الْقَوْمِ، وَأَصْلُ الْحَطْمِ فِي اللُّغَةِ الْكَسْرُ، وَيُقَالُ: شَرُّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ يُقَالُ: رَاعٍ حُطَمَةٌ وَحُطَمٌ بِغَيْرِ هَاءٍ كَأَنَّهُ يَحْطِمُ الْمَاشِيَةَ أَيْ يَكْسِرُهَا عِنْدَ سَوْقِهَا لِعُنْفِهِ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ:
الْحُطَمَةُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ وَهِيَ الدَّرَكَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَرَكَاتِ النَّارِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ تَحْطِمُ الْعِظَامَ وَتَأْكُلُ اللُّحُومَ حَتَّى تَهْجُمَ عَلَى الْقُلُوبِ،
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «إن الْمَلَكَ لَيَأْخُذُ الْكَافِرَ فَيَكْسِرُهُ عَلَى صُلْبِهِ كَمَا تُوضَعُ الْخَشَبَةُ عَلَى الرُّكْبَةِ فَتُكْسَرُ ثُمَّ يُرْمَى به في النار» .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَائِدَةَ فِي ذِكْرِ جَهَنَّمَ بِهَذَا الاسم هاهنا وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: الِاتِّحَادُ فِي الصُّورَةِ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنْ كُنْتَ هُمَزَةً لُمَزَةً فَوَرَاءَكَ الْحُطَمَةُ وَالثَّانِي: أَنَّ الْهَامِزَ بِكَسْرِ عَيْنٍ لَيَضَعُ قَدْرَهُ فَيُلْقِيهِ فِي الْحَضِيضِ فَيَقُولُ تَعَالَى:
وَرَاءَكَ الْحُطَمَةُ، وَفِي الْحَطْمِ كَسْرٌ فَالْحُطَمَةُ تَكْسِرُكَ وَتُلْقِيكَ فِي حَضِيضِ جَهَنَّمَ لَكِنَّ الْهُمَزَةَ لَيْسَ إِلَّا الْكَسْرَ بِالْحَاجِبِ، أَمَّا الْحُطَمَةُ فَإِنَّهَا تَكْسِرُ كَسْرًا لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْهَمَّازَ اللَّمَّازَ يَأْكُلُ لَحْمَ النَّاسِ وَالْحُطَمَةُ أَيْضًا اسْمٌ لِلنَّارِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تَأْكُلُ الْجِلْدَ وَاللَّحْمَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: ذَكَرَ وَصْفَيْنِ الْهَمْزَ وَاللَّمْزَ، ثُمَّ قابلهما باسم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست